مسجد البقيع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  مفهوم المال في الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
nabil
المراقب العام
المراقب العام
nabil


الجنس:: : ذكر
البلد:: : الجزائر
العمل:: : عامل
الهواية:: : الرياضة
النقاط : 8775
المساهمات : 1019
المزاج:: : فرحان

 مفهوم المال في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم المال في الإسلام    مفهوم المال في الإسلام Emptyالجمعة 14 يناير 2011 - 16:51

د.خالد صالح الحميدي

المال الذي بين أيدينا؛ وبه قوامنا، مال الله، استخلف عباده فيه لينفقوه فيما أمرهم أن ينفقوه فيه، بعد أن جعلهم مسئولين عنه، ومحاسبين على طرق كسبه وطرق إنفاقه.
وامتلاك المال، شهوة، كسائر الشهوات المباحة التي وضعها الله في الإنسان، ووضع لها أحكاماً، وضمانات تحمي مال الإنسان حتى من نفسه! على اعتبار المال من الضرورات الخمس التي تقوم عليها حياة الإنسان، لا بل، في صحيح مسلم: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"، كذلك، لم يجعله مستباحاً؛ إذ "لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ" (أحمد)، وهذه قاعدة كلية لا يستثنى منها شيء إلا ما استثناه الشرع.
إلا أن الإسلام رغب أشدَّ الترغيب في إنفاق المال في سبيل الله، وجعل بذله سابقا على بذل الروح، وأثقله بكثير من الحقوق والواجبات.. والصدقات، وكثير من القربات..، ليصبح الإنفاق عبادة عظيمة متقدمة على الجهاد.
ولتحقيق عبادة الإنفاق، ذم الإسلام البخل، وكذلك الإسراف، ودعا إلى الاعتدال، وشدد على ذم الاكتناز، مبيِّناً لنا الكثير من عواقبه: كهلاك قارون وما كَنَزَ، والذي أحيط بثمره فأصبحت خاوية على عروشها، والعبرة هنا أن الكانز ملعون، واللعن طرد من رحمة الله، كما جاء في الترمذي عن الرسول– صلى الله عليه وسلم: "لُعِنَ عَبْدُ الدِّينَارِ لُعِنَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ"، أو تعس، بسبب شغفه وحرصه على جمع المال، كما جاء في رواية أخرى: "تَعِس عَبْدُ الدِّينَارِ وعَبْدُ الدِّرْهَمِ". ولكن، من ناحية أخرى، رغَّب الإسلام في الادخار، باعتدال يتوازى مع الكفاف، وحبَّب في اليد العليا، تحسباً للفَقر، الذي كان الرسول– صلى الله عليه وسلم– يتعوَّذ منه، إذ للفقر آثار غير حميدة على شخصية المسلم، ودينه، وسلوكه، نجدها في نصيحة لقمان الحكيم لابنه: "يا بني استعن بالكسب الحلال على الفقر، فإنه ما افتقر رجل قط إلا أصابته ثلاث خصال: رقة في دينه، وضعف في عقيدته، وذهاب مروءته، وأكثر من هذه الثلاث استخفاف الناس به". إذاً، لم يذم الإسلام المال، الذي هو خير وزينة وقوة، إذا أُخذ بحق وأُنفق بحق، ولم ينقلب إلى فتنة، فمن أقوال الرسول- صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ" (الترمذي)، أي لم ينقلب كسب المال إلى ابتلاء واختبار، وسبب للوقوع في الآثام، بل ذم الإسلام من جعل المال همه وغايته، ودعاه إلى ألا يغرق في أوحاله، بعد أن بيَّن له أن كثرة المال لا تدل بالضرورة على رضا الله، إذ إن مقياس الرضا يكون بالعمل والتقوى. إذاً، أهمية المال في الإسلام، ليست في كنزه، لأن المال سوف يغادر صاحبه لغيره، ولكن أهميته تكمن فيما ينفقه صاحبه في الدنيا.. فالمال الذي لا ينتفع به صاحبه في الدنيا سينقلب عليه حسرة وندامة، وسينعكس سلباً على المجتمع، إذ إن كنز المال يؤدي إلى عدم استفادة الآخرين به، ولا حتى الكانز نفسه، فيسبب هذا الكنز ضائقة وضيقا على أفراد المجتمع بالمفهوم الاقتصادي، إذ لا بد من الإنفاق، حتى يصبح المال متداولاً بين الناس لينتفعوا به، وحتى يصل ما للآخرين من حق فيه، هذا الحق الذي هو أمانة في ذمة مالك المال الذي كنز ما لا حق له فيه!
أما المال في الاقتصاديات الوضعية، فجله قائم على الربا، والجشع والاحتكار، ليصبح المال هنا أداة لتوليد المال! فهو هدف بحد ذاته، لأجله تنشب الحروب، وتدك العروش، وتهدر الموارد للحفاظ على الأسعار.. إلخ، والنتيجة: اتساع دائرة الفقر والبطالة، وارتفاع نسب الطلاق والعنوسة، وانتشار الأمراض الجسدية والنفسية.. فتكثر الجرائم ويكثر القتل والنهب، وترتفع معدلات الانتحار.. وتُذل المرأة، وتشوّه الطفولة، وتلوّث البيئة... إلخ!
وحصول هذا كله غير مستغرب عقلاً! ذلك أن هذه الاقتصاديات الوضعية مبنية على الإفراط والتفريط، وعلى القصور والتقصير.. والأنانية والنفعية، كونها متحررة من أية موانع دينية أو أخلاقية.. أو حتى إنسانية! وكل ذلك لأجل من؟ لأجل منافع فئة قليلة من سكان الكرة الأرضية، يسيطرون على العالم وموارده، ويتوسعون في نشر الشركات المتعددة الجنسيات، العابرة للقارات.. وأيضاً لأجل الخواص في المجتمعات، وتسلطهم واحتكارهم وجشعهم.. كل ذلك، وغيره، إلى جانب الحرية غير المسئولة، أدى، وسيؤدي على الدوام، إلى الأزمات الاقتصادية، والمالية، التي سيبقى الفقراء ومتوسطو الحال ضحاياها!
أما الإسلام، الذي كرَّم الإنسان واستخلفه في أرضه، فيدعو إلى التعاون المادي بين الناس، إلى جانب التعاون الروحي والنفسي، لا بل ويُلزم به، وأروع مثال على التعاون، بمضمونه الشامل، نجده في سيرة المصطفى– صلى الله عليه وسلم– حين آخى بين المهاجرين من مكة، الفارين بدينهم، المعدمين الذين لا يملكون درهماً ولا ديناراً، وبين الأنصار، الذين تبوءوا الدار، أصحاب الفضل، أهل المدينة المنورة، الذين آووا ونصروا، هذه "المؤاخاة" ستبقى خالدة في تاريخ الإنسانية، وإن علاها الغبار، ففيها كل ما يحتاجه المسلم في بناء مجتمعه الفاضل، من أطر، وتشريعات، وتراحم، تتناسب مع فطرة الإنسان السوي، وطبيعته ومعاشه، فلم يكن في أصحابها تحاسد، أو أنانية، بل إيمان وإخلاص وتضحية ورضا وقناعة، قلّ أن نجد نظيرها في تاريخ البشرية.
علينا أن نكون على يقين بأن المال وسيلة وليس غاية، والوسيلة هي الجهد الذي يبذله المسلم في جمع المال وإنفاقه، ولكن المسلمين، في هذا الزمن، الذي استشرى فيه الفساد، أصبح كثير منهم، إلا من عصم الله، ينطبق عليهم قول الرسول– صلى الله عليه وسلم: "لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا آكِلُ الرِّبَا فَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ أَصَابَهُ مِنْ غُبَارِهِ" (ابن ماجه)، فالمسلمون انفكوا عن النظام الاقتصادي الإسلامي، وأعرضوا عنه، فتفشت المحرمات في التعاملات المادية، التي أصبحت شبه عادية!
علينا أن نعيد النظر في مناهجنا الاقتصادية، كما فعل "الفاتيكان"، قلعة الكاثوليكية، الذي طالب البنوك الغربية الربوية، كما جاء في صحيفة الفاتيكان الرسمية، ونشرتها "الاقتصادية" بتاريخ 7/3/2009، أن تنظر بتمعن في القواعد المالية الإسلامية، التي يراها قائمة على الأخلاق والمبادئ، التي يجب على البنوك الغربية أن تتحلى بها، لتحقق الروح المفترض وجودها بين مؤسسات تقدم خدمات مالية!؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مفهوم المال في الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مسجد البقيع :: منتديات البقيع :: المنتدى العام-
انتقل الى: