nabil المراقب العام
الجنس:: : البلد:: : العمل:: : الهواية:: : النقاط : 8775 المساهمات : 1019 المزاج:: :
| موضوع: خطط التحفيز الخيار الوحيد لمواجهة الأزمة الاقتصادية الإثنين 8 نوفمبر 2010 - 14:03 | |
| بعد مرور ما يربو على العامين على اندلاع الأزمة المالية أو الاقتصادية العالمية وبعد أن تم اتخاذ ما تم اتخاذه من إجراءات، وبعد أن تم إقرار ما تم إقراره من خطط تحفيز، يبدو من غير المنطقي -أو على الأقل من غير المجدي - الحديث في يوم الناس هذا عن مدى جدوى أو نجاعة ما تم اتخاذه من إجراءات أو البحث في ما إذا كانت هنالك خيارات أخرى أجدى وأنجع، لكن قد يكون ذلك مقبولاً ومطلوباً من باب «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»، بمعنى أنه قد يكون ذلك مقبولاً كبحث تاريخي قد تكون له بعض الفوائد في المستقبل، وليس من باب محاكمة التاريخ لأنه وكما يعلم الجميع فإنه لا جدوى من البكاء على اللبن المسكوب -كما يقال-، كما أني أعتقد أن البحث في ما إذا كانت هنالك أمام الحكومات بدائل غير الإجراءات التي أُقرت والتي كانت في مجملها عبارة عن إجراءات إنفاذ وتحفيز تتركز وتقوم على دعم الاستهلاك على اعتبار أن الاستهلاك مناط النمو ومبدأه ومنتهاه، لذلك سينصب معظم الجهد في هذه المقالة على البحث في البدائل التي كانت متوافرة أو لتتوافر للحكومات غير خطط التحفيز والتوسع في الإنفاق وتخفيض الضرائب وأسعار الفائدة وزيادة المعروض النقدي هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى سيتم التركيز على مدى جدوى الإجراءات التي اتخذت –من الناحية الاقتصادية ومن الناحية السياسية-، كما سيتم التطرق إلى الأسباب التي دفعت الحكومات إلى تبني الإجراءات التي تبنتها عوضاً عن الإجراءات الأخرى التي كانت متاحة والتي يعتقد الكثير من الاقتصاديين أنها –أي الإجراءات الأخرى التي لم يتم تبنيها- لو تم تبنيها لكانت أكثر جدوى وفعالية في علاج الأزمة المالية من جذورها لا مجرد علاج الأعراض والآثار من حيث المبدأ، ومن الناحية النظرية ينقسم الفقه الاقتصادي في ما يتعلق بالدور الحكومي في الشأن الاقتصادي إلى مدرستين:
الأولى هي المدرسة النمساوية التي تقول بمحدودية دور الحكومة في الأنشطة الاقتصادية، كما أن قوى السوق (العرض والطلب) يجب أن تكون هي المحدد الأول والأخير لنوع النشاطات الاقتصادية وأحجامها، أما المدرسة الثانية فهي المدرسة الكينزية التي تؤمن بأن الأسواق أعجز من أن تنظم نفسها بنفسها، وأن على الحكومات أن تضطلع بدور واسع وفعال في المشهد الاقتصادي، خصوصاً في أوقات الأزمات التي غالباً ما تكون نتيجة إلى ترك قوى السوق تتفاعل في ما بينها دون أن تقوم الحكومات بدورها التنظيمي أو الرقابي، إلا أن هذا الخلاف والاختلاف بين المدرستين قد بدأ يتلاشى، خصوصاً في أوقات الأزمات، إذ إن المدرستين تتفقان على أن على الحكومات التدخل في أوقات الأزمات التي تعجز فيها قوى السوق عن أداء دورها بشكل فعال.
لكن بالرغم من اتفاق المدرستين على ضرورة تدخل الحكومات على الأقل في أوقات الأزمات فإن طبيعة التدخل وقدره وهدفه يبقى ذلك مصدر خلاف بين اتباع المدرستين، فالمدرسة النمساوية التي تتمتع بالكثير من الاتباع على المستوى النظري الأكاديمي تشدد على أن يكون دور الحكومة -إن كان لابد أن يكون لها دور- الدور الرقابي لا أكثر، هذا في الأوقات الاعتيادية، أما في أوقات الأزمات التي عادة ما تسود فيها حالة من الفوضي وعدم اليقين فإن الدور الحكومي ينبغي أن يهدف وينصب على تقليل الآثار السلبية للأزمة التي تعتبرها هذه المدرسة ردة فعل طبيعية وصحية لوضع اقتصادي غير صحي وغير قابل للاستمرار.
أما المدرسة الكينزية التي كانت ولاتزال تتمتع بالكثير من الاتباع على المستوى العملي نظراً لما تعطيه للحكومات من دور كبير وسلطات واسعة في الشأن الاقتصادي فإنها تدعو إلى أن يكون للحكومات في الأوقات الاعتيادية دور أكبر من مجرد الرقابة بل يجب أن يكون لها دور فاعل في إدارة الاقتصاد بإقرار القوانين وجبي الضرائب وتقديم المعونات وحماية الصناعات المحلية وتحديد أسعار الصرف وغيرها من الأدوار، أما في أوقات الأزمات فإن الدور الحكومي –حسب المدرسة الكينزية- يجب أن ينصب على مكافحة الأزمة ومحاولة منع استفحالها وليس مجرد تقليل آثارها السلبية على الاقتصاد من خلال التدخل المباشر بما تملكه من موارد مالية في آلية السوق. وكما تمت الإشارة إليه فإن المدرسة الكينزية تتمتع بشعبية واسعة بين الساسة وصناع القرار، عكس المدرسة النمساوية التي تكتسب شعبية أكبر في الأوساط البحثية والأكاديمية، لذ يمكن القول إن معظم الإجراءات التي تم إقرارها تقوم في مجملها على أفكار المدرسة الكينزية والتي تدور حول مكافحة الأزمة وليس علاجها، وهي بذلك تندرج تحت إجراءات الإنفاذ وليس الإصلاح، فالملاحظ أن الإجراءات التي تم اتخاذها كانت تركز على الحفاظ على الوظائف عن طريق محاولة تحقيق أمرين:
الأول حماية الإنتاج من خلال إجراءات الإنقاذ المالي للشركات والبنوك المتعثرة، والثاني تحفيز الاستهلاك عن طريق تخفيض الضرائب والتوسع في الإنفاق العام من ناحية، وتخفيض أسعار الفائدة وزيادة المعروض النقدي أو ما يسمي بالتيسير الكمي (Quantitative Easing) من ناحية أخرى، وبذلك يكون دور الحكومة حسب المدرسة الكينزية أكثر فعالية من المدرسة النمساوية سواء في الأوقات الاعتيادية أو في أوقات الأزمات التي يجب أن تحل خلالها الحكومات –حسب المدرسة الكينزية- محل قوى السوق من مستثمرين ومدخرين ومنتجين ومستهلكين، وتقوم بلعب دورها في العملية الاقتصادية من خلال خلق «طلب» مصطنع وكذلك «عرض» مصطنع وذلك لمكافحة الركود وخلق نشاط اقتصادي مصطنع على أمل أن يكسب الزخم الذاتي المطلوب مع الوقت ومن ثم يخرج من خلال ذلك الاقتصاد من حالة الركود التي يعاني منها.
والمراقب للإجراءات التي اتخذتها معظم الدول خلال العامين المنصرمين يلاحظ بكل وضوح أن ما قامت به هذه الدول يندرج تحت الإجراءات التي تنادي بها المدرسة الكينزية الكلاسيكية والتي سبقت الإشارة إليها، وذلك كما سبقت الإشارة أيضاً إلى ما تتمتع به هذه المدرسة بشعبية كبيرة بين السياسيين بسبب الاعتقاد السائد بينهم، وكذلك بين بعض الأكاديميين، حيث إن هذه الإجراءات كان لها الفضل في خروج الاقتصاد العالمي من الكساد العظيم الذي عانى منه في ثلاثينات القرن الماضي، فالإجراءات التي تم إقرارها يمكن تلخيصها في:
أولاً، إجراءات أو خطط إنفاذ تم من خلالها إنفاق مئات المليارات لمساعد الكثير من البنوك والشركات المتعثرة إما بسبب الديون أو تراجع العائدات، ثانياً إجراءات تحفيز لمحاولة زيادة معدل الإنفاق لدى الأفراد من خلال منح إعفاءات ضريبية وتخفيض معدل الفائدة إلى مستويات متدنية وزيادة المعروض النقدي عن طريق طبع مليارات الدولارات، وأخيراً التوسع في الإنفاق العام على المشاريع في محاولة لخلق المزيد من فرص العمل وتعويض ما تم فقده من وظائف في القطاع الخاص.
لكن يمكن القول إن معظم الإجراءات التي اتخذتها مختلف الدول والحكومات في معرض مكافحتها للأزمة المالية -إن نجحت في شيء- فإنها لم تنجح إلا في تأجيل المحتوم وتبطئ وتيرة التراجع أو بالأحرى التصحيح المصاحب والناتج عن الأزمة هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى نجحت هذه الإجراءات من جانب في تفاقم مشكلة الديون السيادية التي كانت تعاني منها معظم الدول الغربية أصلاً بسبب الاضطرار إلى تمويل خطط التمويل من خلال الديون، ومن جانب آخر ساهمت هذه الإجراءات في تعميق مشكلة تحديد الأطر لأسعار صرف العملات الرئيسة، ما ينذر بحرب أسعار صرف عالمية الأمر الذي يمكن أن يعيد الجميع إلى مربع الأزمة الأول، وهو ما يؤكد عدم نجاعة هذه الإجراءات أو جدواها من الناحية الاقتصادية وما يشي بأن تبنيها جاء لاعتبارات سياسية بحتة، حيث كان يمكن للحكومات أن تتبنى إجراءات أكثر نجاعة، وذلك من خلال ترك الأزمة تأخذ مداها وعدم التدخل بأي صورة من الصور، وترك الشركات التي تعاني من مشاكل إما أن تتأقلم مع الظروف المستجدة أو الخروج من السوق وتركه للشركات الأكثر كفاءة هذا من حيث المبدأ، وعلى سبيل الاستثناء يمكن أن تتدخل الحكومات فقط لتقليل الآثار الاجتماعية السلبية للأزمة، خصوصاً تلك التي تمس الطبقة الوسطى لكونها أساس النشاط الاقتصادي من خلال محاولة حماية قطاعات التعليم والصحة والضمان الاجتماعي من آثار الأزمة، وأخيراً التقليل من الآثار الاقتصادية للأزمة على الطبقات الفقيرة والأكثر فقراً.
| |
|
ayoub b المراقب العام
الجنس:: : البلد:: : العمل:: : الهواية:: : النقاط : 7118 المساهمات : 593 المزاج:: :
| موضوع: رد: خطط التحفيز الخيار الوحيد لمواجهة الأزمة الاقتصادية الثلاثاء 9 نوفمبر 2010 - 14:35 | |
| بارك الله فيك
أنت كنت تدرس تسيير و إقتصاد
تفهم في هذا المجال | |
|